الزواج من أهم الخطوات والقرارات المصيرية التي يمكن أن يتّخذها أي إنسان في حياته كلها، ومن أهم الأمور التي يحتاجُ فيها إلى الاستشارةِ والتفكيرِ بهدوءٍ وتريّثٍ قبل الإقدامِ عليهِا، فالزواج له أبعادٌ تمتدُّ طيلةَ حياةِ الإنسانِ، وبنجاحهِ يتميز الفرد عن غيره، وإن حصل وفشل الزواج، فقد يؤدي في بعض الأحيان إلى فشل الفرد في حياته العلمية والعملية، وبالتالي فإنّه من المهم أن يستعين المسلم بالله سبحانه، وتتجلى الاستعانة بالله من خلال صلاة الاستخارة، فهنا تظهر أهمية الاستخارة للفرد المسلم عند الإقدام على الزواج، فلن يجدَ العبد في الحياة الدنيا أكثر إعانةً ونُصحاً من الله، فهو المُطّلعُ على الغيبِ، يعلم خفايا النفوسِ، ويعلم ما تُكنّهُ الصدور من خيرٍ أو شرٍ، وإن ظهر للعبد الخير في زواجه، فقد يكون عاقبة هذا الزواج شراً له، فجاءت صلاةُ الاستخارةِ؛ لتُعين العبدَ وتُساعده على انشراحِ صدرِه، وقرارةِ عينِه، وراحةِ نفسِه في أمره، فقد فوّضَ أمره لله سبحانه، وترك الأمورَ كلها له سبحانه لتيسيرِ أمرهِ وحيرته في اتخاذ قرار الزواج.
حديث في كيفية صلاة الاستخارة للزواج
صلاة الاستخارة كالصلاة العادية، فالفرق بينها وبين الصلاة العادية هي بعض الأحاديث المخصصة لهذه الصلاة، فقد ورد في الحديث الشريف طريقة صلاة الاستخارة للزواج، فقد رُويَ عن أبي أيوب الأنصاري أنّه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (اكتُمِ الخِطبةَ، ثمَّ توضَّأ، فأحسِنْ وضوءَك، ثمَّ صلِّ ما كتَب اللهُ لك، ثمَّ احمَدْ ربَّك ومجِّدْه، ثمَّ قلِ: اللَّهمَّ إنَّك تقدِرُ ولا أقدِرُ وتعلَمُ ولا أعلَمُ وأنتَ علَّامُ الغيوبِ فإنْ رأَيْتَ في فلانةَ - تُسمِّيها باسمِها - خيرًا لي في دِيني ودنياي وآخرتي فاقدُرْها لي وإنْ كان غيرُها خيرًا لي منها في دِيني ودنياي وآخرتي فاقضِ لي ذلك)[١]
ورد في كيفية الاستخارة أقوالٌ ثلاثة على النحو الآتي:[٢]
إنّ الفرق بين الأقوال الثلاثة السابقة أنّ أصحاب القول الأول ذهبوا إلى أنّه لا بد من تخصيص الاستخارة بصلاة ثم الدعاء بعدها، أما أصحاب القول الثاني فقد ذهبوا إلى جواز الاستخارة بالدعاء بدون صلاة عند تعذُّر الصلاة، بينما أجاز أصحاب القول الثالث بأن يكون دعاء الاستخارة بعد أي صلاة؛ فإن صلّى صلاة الفريضة في أي وقت من صلاةٍ سرية أو جهرية، فإنّه يدعو ويستخير الله.
ملحوظة: يُستحبّ للمستخير أن يقرأ في صلاته بالركعة الأولى بعد الفاتحة (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، ويقرأ في الثانية (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).[٣]
صلاة الاستخارة من الأمور المهمة التي حرص النَّبي -عليه الصلاة والسلام- أن يؤديها لأصحابه، كما كان يعلمهم السور من القرآن الكريم؛ وذلك لما لهذه الصلاة من أهميةٍ بالغةٍ للمسلم، ولحاجته المستمرة لها في جميع أمور حياته صغيرها وكبيرها، فمن أراد أن يُقدم على عملٍ ما، صلّى الاستخارة، وطلب من الله سبحانه التوفيق والتيسير في أمره.
الاستخارة لغةً تعني: أَن يسأَل المسلم خَيرَ الْأَمرَينِ له، وتأتي أيضاً بمعنى الاستعطاف.[٤]
الاستخارة شرعاً تعني أن يستعينَ المسلمُ باللهِ سبحانه، وذلك بأن يُوجه المسلم همّتهُ لطلب التيسير من الله عز وجل باختيار أمرٍ ما، أو تردد في الإقدام على فعلٍ من الأفعال، أو أن يريد المسلم أن يُقدم على فعل أمرٍ ما، ويطلب تيسير أمره، من الله سبحانه، ويمكن أن تكون الاستخارة بالصلاةِ والدعاء[٥]، ويجوز أن تكون الإستخارة بالتوجّه إلى الله سبحانه بالدعاء فقط.[٦]
صلاةُ الاستخارةِ سنّة، وردت عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ومفهومها أنّ من أقبل على أمرٍ من أمورِ الدنيا، وأراد التيسير من الله عز وجل في أمره الذي ينوي الإقدام عليه، يُصلّي ركعتينِ لله تعالى من غير الفريضة، كما ذكر الحديث الشريف بنيّةِ الاستخارةِ،[٧] والدليلُ على سُنية الاستخارة الروايات العديدة التي ذكرت الاستخارة وكيفية صلاتها؛ إلّا أنَّ أكثر الروايات صحةً التي رواها جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- في صحيح البخاري؛ حيث قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُ المسلمَ الاستخارة في الأمورِ كما يُعَلِّمُنا السورةَ من القرآنِ، يقولُ: إذا هَمَّ أحدُكم بالأمرِ، فليركَعْ ركعتينِ من غيرِ الفريضةِ، ثم لْيقُلْ: اللهم إني أستَخيرُك بعِلمِك، وأستَقدِرُك بقُدرَتِك، وأسألُك من فضلِك العظيمِ، فإنك تَقدِرُ ولا أَقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ، اللهم إن كنتَ تَعلَمُ أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي، في ديني ومَعاشي وعاقِبةِ أمري، أو قال: عاجِلِ أمري وآجِلِه، فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي، ثم بارِكْ لي فيه، وإن كنتَ تَعلَمُ أنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لي، في ديني ومَعاشي وعاقبةِ أمري، أو قال: في عاجِلِ أمري وآجِلِه، فاصرِفْهُ عنِّي واصرِفْني عنه، واقدُرْ لي الخيرَ حيث كان، ثم أرضِني به. قال: ويُسَمِّي حاجتَه)[٨])
ارتبط تحديد وقت الاستخارة بحالاتها، فصلاة الاستخارة تكون على حالتين:[٩]
المقالات المتعلقة بطريقة صلاة الاستخارة للزواج